منْ أنتَِ؟ ضحكت الأخيرة، وقالت ساخرة: أنا أنتِ؟ مراجعة رواية قريناتي – مها حسن

التصنيف: 4 من أصل 5.

منْ أنتَِ؟ ضحكت الأخيرة ، وقالت ساخرة: أنا أنتِ؟

أحداث عشتها مع رواية قريناتي للكاتبة السورية مها حسن لعوالم أرواح و حَيَواتٌ عانت الفقد والألم وسلب الحُرِّيَّة وتهميشها لتجد نفسها محصورة في ثقب إبرة، نتتبع خُيُوط الرَّوَايَة لنجد عَبَّر سطورها الحب والخيانة ، الغربة وفقد الهوية مابين عادات وتقاليد بالية يحكُمَّها الرجل الشرقي، أحلام وكوابيس اختلطت بالواقع، الرغبة في التعليم وطريقه المتعثر، عن الطموح المطموس عن الأمل وتلك الأساطير المغلوطة وتصديقها..كما تختزل الحيوات ببعضها وتجعل الأرواح تتداخل و تتناسخ ليكون لكل امرأةٍ قرينة لها في فضاء الكون الواسع.

أنا وحيدة، لكنني مستقلَّة وحُرَّة.. وفي الوقت ذاته، أشعر بفقد دائم، بنقص ما، لا أشبع.. كأنني في حالة حِمْيَة أو حرمان دائميْن .. أبحث وأبحث، لأجد ما أبحث عنه، ذلك الجزء الناقص فيَّ

هنا حكايات وقصص في مكان ما ولكنها ايضاً بداخل أرواح آخرين في مكان من العالم.. ( ألماز، لمعان، إيزيس) نسوة فّرقتهنَّ الحياة ولكل منهما قصة وحكاية قد يتشاركون في “المشاعر والآلام والأفكار وحتى الأقدار”.

أجل أنا بلا هوية.. هويتي هي هذا الصفاء الكبير، الذي يصعني في الة تقبُّ دائمة لحدث جديد، أعدُّ نفسي لعيشه، وأعرف أنه سيأتي أحب الناس جميعاً، وأجد في كلًّ منهم جرءاً منًّي، ومن سعادتي”

نجد الفن الرائع الذي يجعل الحلم واقع بألوان مُزجت حسب رؤية أصحابها، فالرسم بالنسبة لألماز هو عالم آخر تلتقي به بحيوات يمرون بما مرت به من محن ومنغصات حياتية، ترسم وتبدع بريشتها وبألوانها المتناثرة لتنقل صور تكَّونت في مخيلتها واحلامها. كما نجد تشبيه بليغ وعميق هو تشبيه المرأة بالغابة الشرسة القوية حيث تقول الكاتبة من ضمن سطور الرواية ” مثل الغابة، هي المرأة، تبدو متوحِّشة في بدايتها، ثَّم تتكشَّف الطيبة لمن يستحقها.. نحن هذه الغابة الأليفة التي لا تُسلَّم مفاتيحها إلَّا لمَنْ منحها الثقة والأمان..

أما الخلوة السينمائية الذاتية صُوِّرت بمشهد جميل بسيط ولكنه عميق جُسّد في شخصية خَجِيْ التي تشاهد فلمها الخاص إذ تقول ” أسعد اللحظات في حياتي، هي تلك، حين أفتح عينَيَّ، وأحلم بأشياء لا يراها غيري” فكم منا لديه مشاهد يغوص بها مع نفسه و افكاره وعالمه بمشاعر مختلطة مابين فرح وحزن واسترجاع لشريط الذكريات القديم .

“الحياة الراهنة، لم تعد سوى استعادة للذكريات عبر اللوحات، أو تفريغ للمخيِّلة والمنامات، عبر الأشكال والألوان”

مغامرة جميلة قضيتها مع أحداث رواية قريناتي مع “ألماز ولمعان وإيزيس” و لم تكن الأحداث عن هؤلاء النساء فقط بل عن الكثير منهم ..إنها دوامة داخل رواية عن ذاكرة تتناسخ فيها الأرواح .. بسرد تناوبي ما بين حاضر وماضي وأماكن مختلفة قد يتوه القارئ قليلاً مع شخوص الرواية لكثرتها ولكن كل ما تعمق في القراءة يجد الكثير من المفاجأت والكثير من الحكايات..

واختم مراجعتي بهذا الاقتباس الجميل “لكل امرأة في العالم امرأة مثلها في مكان ما، قد يحصُل أن تلتقيا، وغالباِ تعيشان دون أن تعرف إحداهما شيئاً عن الأخرى، لكنها تشعر بما تعجز عن تفسيره، أن ثمة امرأة تشبهها في مكان ما”.


اقتباسات أخرى |

  • ثمَّة أخريات، يخضعن لشروط متشابهة في ولادة الحكايات والمشاعر والأفكار، وربمَّا الأقدار.
  • الحياة مع الحيوانات أكثر رأفة من البشر. الحيوان يعبِّر عن مشاعره دون تزييف.
  • أنا نَهِمَة للعالم.. نَهِمَة للحياة، أكره التكرار.. ألتقى الكَّل، وأُحبُّ الكَّل، ثمَّ أنسحب إلى قلعتي الداخلية، بيتي الخاصِّ الذي لا يدخله غيري، ولا حتَّى أبي.
  • كنتُ مؤمنة وبقوَّة، أن حياتي الحالية هي حيوات مستمرَّة لحيوات سابقة، وممهِّدة لحيوات قادممة، لهذا تركتُ نفسي تسير وَفْق الصُّدف، للوصول إلى الحياة التي تنتظرني في مكان ما.
  • إحساس غريب كان يسكنني دائماً، أنني لستُ أنا التي أمامي، أنني موجودة في مكان آخر، وعليَّ قطع الطريق صوبي، لأراني وأتعرَّف عليَّ.
  • أحياناً: أن أشعر أنني لستُ مرتبطة بشيء، ولا بأحد، كأنني كائن دون هُوِيَّة. ولا أعرف إن كان ثمَّة مبرر ما للإحساس بالهويَّة.. لا أعرف.

مها حسن |

روائية وإعلامية سورية من مواليد مدينة حلب (1966)، وتقيم حاليًا في فرنسا. صدر لها العديد من الأعمال الروائية من أبرزها|

  • اللامتناهي – سيرة الآخر 1995
  • جدران الخيبة أعلى 2002
  • تراتيل العدم 2009
  • حبل سري 2010
  • بنات البراري 2011
  • طبول الحب 2012
  • نفق الوجود + الروايات 2014
  • مترو حلب 2016
  • عمت صباحاً أيتها الحرب 2017
  • حي الدهشة 2018
  • في بيت آن فرانك 2020
  • قريناتي 2021

وصلت رواياتها “حبل سري” و “الراويات”، إلى اللائحة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر)، كما وصلت رواياتُها “مترو حلب”، “عمت صباحاً أيتها الحرب”، “حي الدهشة” إلى اللائحة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب.


  • التصنيف الأدبي | رواية
  • عدد الصفحات | 300
  • دار النشر | منشورات المتوسط
  • الطبعة الأولى 2021
  • مكان الشراء | معرض الرياض الدولي للكتاب 2021.
ABEER
ABEER

قارئة محبة للكتب .. هنا ‏⁧أضع مراجعاتي لكتب قرأتها و تعبر عن وجهة نظري الشخصية فما يعجبني قد لا يعجبك، فهي وجهات من منظور شخصي لكل منا..

اترك رد