
في مخيلتنا نستطيع أن نحلم عبر الحدود وأن نتعمق السرد وأن نبتكر نتائج بديلة ، هذا الكتاب لكل امرأة تنتظر اعتذاراً لنفسها لتحرر من ما يقبع بداخلها من مآسي مؤثرة..
عندما يتجرد الأب من مشاعر الإنسانية تجاه طفلته الصغيرة والبريئة التي لا ذنب لها سوى أنها ابنة لهذا الأب المجرم المتجرد من الإنسانية فنحن هنا أمام جريمة اغتيال واغتصاب الطفولة وقمعها، طفولة كُتب لها الموت ببطء .. ماهذا الجرم و ما هذا التجني !!
إذا كان الاعتراف هو طلب المغفرة، فلا بد من تعرية المعترِف وكشفه
كتاب عن أحداث حقيقية من حياة الكاتبة إيف إنسلر المتوفي والدها منذ مدة طويلة، كتبت إيف رسالة اعتذار تخيُلية نيابج عن والدها المتوفي حيث قالت” كان عليَّ أن أفسح له المجال ليعبر عن نفسه من خلالي” لتستطيع أن تنال حريتها وتحرر نفسها مما عاشته من استباحة جسدها الصغير وهي في سن الخامسة وحتى العاشرة ولم يكتفي الأب بذلك بل بدأ في انكسارها و تحطيمها معنوياً ولفظيا وجسدياً، حتى اصبحت متبلدة المشاعر .. ضائعة.. تائهة .. غريقة. ورغم ذلك كانت تكتب له الكثير من رسائل الاعتذار ..هنا لا وجود للأمان والحب، هنا تهتز القيم وتتبعثر مع أب فاقد للرحمة والعاطفة لسنين طوال و هدفه تحطيم ابنته وكسرها لرفضها له!! هل أعتذر هل برر هل طلب المغفرة؟؟ للأسف لم يفعل ذلك ، غادر الحياة وترك ابنة مدمرة غارقة في الألم تبحث عن التشافي والتصالح لتتمكن من العيش بسلام.. فكانت رسالة الاعتذار منقذة لها ..

حين كتبت إيف رسالة الاعتذار هي بذلك غاصت لأعمق التفاصيل والأسباب المؤدية لهذا الانتهاك الجسدي ومعوقاته لتستطيع أن تصل لأسباب مقنعة لتخفيف ألمها الداخلي ..فهي شجاعة جداً فيما فعلته وليس بالسهل عليها بعد وفاة والدها بسنوات عدة تحرير نفسها، شجاعة في ابتكارها طريقة الاعتذار هذه لتستطيع أن تشق طريقها لتبدأ حياتها كما تهدف الكاتبة من كتاب الاعتذار مساعدة كل طفلة و أنثى تعرضت للعنف والاعتداء الجنسي ورسالة أيضا للآباء للاعتذار عن ما بدر منهم من عنف جسدي ..
بالتنقل مابين صفحات الكتاب نجد الألم والقهر مزروع في سطوره من اغتيال وانتهاك الطفولة وقتل المشاعر كتاب مؤثر جداً وصادم يجعل مشاعر القارئ في غضب مستمر .. ينتهي سريعاً لكن أثره يبقى في الذاكرة .. الاسلوب جميل الترجمة ممتازة . وهو ليس للقلوب الضعيفة والمرهفة.
أيف إنسلر | Eve Ensler

كاتبة مسرحية، ومؤلفة و فنانة اداء وناشطة أمريكية، مؤسسة لأكبر حملة عالمية وجماهيرية نشطة لمكافحة العنف ضد النساء والفتيات واختيرت واحدة من بين 150 امرأة غيرن العالم وفقاً لمجلة “نيوزويك” وواحدة من أكثر 100 امرأة وفقًا لجريدة “الجارديان” .. لها العديد من المقابلات على اليوتيوب كما تحدثت عن تجربتها عبر TED هنا
- عدد الصفحات | 143
- ترجمة | سها السباعي
- الكتاب من دار الكرمة من معرض الشارقة الدولي للكتاب